الأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه وإما أن يضخمه ويوسع نطاقه لذا لابد من معرفة بعض الضوابط عند حدوث الخلاف بينهما ومن ذلك :
1– الحكم بطريقة صحيحة:
وكي يحكم المرء حكماً صحيحاً عليه أن يضع نفسه مكان الطرف الآخر، وأن يقدر ظروفه وإمكانياته، ثم بعد ذلك يحكم عليه، هذه القضية الأولى، وهي أن يتساءل الإنسان دوماً حين الخلاف: لماذا الطرف الآخر قال كذا؟ ولماذا تصرف بهذه الطريقة؟ ما الظروف التي أدت به إلى هذا الفعل؟ لو استطاع الزوجان أن يفعلا هذا فعلاً سيقدر وقتها كل طرف وجهة نظر الآخر، وسيفهم أسباب ما وصل إليه، وهذا سيحد كثيراً من الخلاف.
2– الإمساك عن تأجيج الخصام:
حين تتقد شرارة الخصام على الطرفين أن يمسكا عن تأجيج الخصام، فيبدآن بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ويحرصان على ضبط النفس، وكظم الغيظ، والامتناع عن الوصول إلى مرحلة الغضب الشديد.
3– أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة:
وكأن الموقف تصفية حسابات، هذه النقطة مهمة جداً، وهي أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة يُزج بها في حلبة الصراع، وإنما يُكتفى بالخلاف الموجود.
4– تقدير الخلاف بقدره في القلب:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبي”. قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: ” أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك..”
هنا يكمن تقدير الخلاف بقدره، فعائشة رضي الله عنها أخبرتنا بأن أقصى ما تفعله في قلبها حين الخلاف مع النبي صلى الله عليه وسلم هي أنها تهجر اسمه فقط، ولا يتعدى الأمر أكثر من ذلك.على القلب إذن أن يكون منتبهاً لحجم المشكلة، وألا يترك لها المجال والمساحة لتكبر وتتجاوز.
5– تحري الزوجين ما يجري على ألسنتهما:
كاجتناب السباب والإهانة أو ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، فغالباً ما تنتهي كل الخلافات وتنتهي كل المشاكل ويبقى: أنتَ قلت لي كذا، أنتِ قلت لي كذا، أنتَ حقرتني بكذا، أنتِ أهنتني بكذا، فتبقى هذه الأشياء تنغص عليهما حياتهما. فالكلمات الحادة والعبارات العنيفة : لها تأثيرها حتى بعد انتهاء الخلاف , علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم على النفوس فالشتائم والسباب يجب أن لا تأتي على لسان الإنسان من الأساس، فالمسلم ليس طعاناً ولا لعاناً ولا فاحشاً بذيئاً، ومن باب أولى أن لا يكون هذا الأمر بين الزوجين.
6– لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب :
وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس ، وتبرد الأعصاب , فإن الحل في مثل هذه الحال كثيراً ما يكون متشنجاً بعيداً عن الصواب ،فعليه استحضار “وإذا ما غضبوا هم يغفرون”، إن الله عز وجل لم يذم إنساناً لعدم تحليه بالحلم، ولم يمدحه لعدم غضبه، ولكنه في التعامل مع الغضب امتدح الذين يغفرون عند الغضب، فقال تعالى في وصف المؤمنين: ” والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون”.”[الشورى:37]
إن الغضب شعور من الصعب تجاوز وقوعه من الإنسان، لذلك لم يمتدح الله عز وجل غير الغاضبين، وإنما امتدح الذين إذا ما غضبوا هم يغفرون وأعلى من شأنهم، هذه المغفرة مهمة بين بني البشر، وتزداد أهميتها بين الزوجين.
7– تفهم الأمر: هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط , فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم , فلربما أنه لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم .
8- الرجوع إلى النفس: ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها مع ربها الذي هو أعظم وأجل .. وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك .
9- معرفة أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب: وأن من البلاء الخلاف مع من تحب . وقد قال محمد بن سيرين إني لأعرف معصيتي في خلق زوجتي ودابتي .
10- تصور الخلاف وحصره: من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن.
10– تحديد موضع النزاع :والتركيز عليه , وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة , أو فتح ملفات قديمة ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف .
11– أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها : ولا يجعل فهمه صواباً غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش , فإن هذا قاتل للحل في مهده .
12– في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق: فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس , قال تعالى “ولا تنسوا الفضل بينكم ” , أي: الإحسان قاله سعيد،فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا , ولم يغب عن بالى تلك الإيجابيات عندك , ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في
نفس المتحاور .
13– لا تجعل الحقوق ماثلة دائماً أمام العين : وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق أو جعلك حقوقاً ليست واجبة تتأصل في النفس ويتم المطالبة بها .
14– الاعتراف بالخطأ عند بيانه: وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك , وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل ، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب , فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها .
15- الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة كما قال صلى الله عليه وسلم: ” غارت أمكم “. وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه .
16- الرضا بما قسم الله تعالى: فإن رأت الزوجة خيراً حمدت , وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا , وأن يعلم الرجل أنه ليس الوحيد في مثل هذه المشكلات واختلاف وجهات النظر . .
17- التنازل عن بعض الحقوق :فإنه من الصعب جداً حل الخلاف إذا تشبث كل من الطرفين بجميع حقوقه .
18– التكيف مع جميع الظروف والأحوال : فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً غير متهور ولا متعجل , ولا متأفف ولا متضجر , فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة .
19- يجب أن يعلم الزوجان بأن المال ليس سبباً للسعادة : وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم , وإنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع .
20- غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ الغير مقصود : من الذي مـا ساء قــط ومن لـه الحسنى فـقط .