سؤال و جواب: الشهوة الجنسية المنحرفة و البرود الجنسي

السؤال:

أنا شاب متزوج ولله الحمد، وعندي أطفال، وكنت في بداية زواجي طبيعياً، ولكني -وللأسف- أميل لحب المردان، وأحاول أن أبعد نفسي ولكني لم أستطع، مما أفحل علي الأمر حتى صرت لا أعاشر زوجتي لأيام طويلة بالرغم من أني طبيعي ولا أعاني من أي ضعف جنسي، ولكن لا رغبة لي في النساء، وكلما نظرت لشاب تأججت نار الشهوة لدي، وأعلم أن هذا حرام لكن ماذا أفعل؟ رغم أني أصلي، وأقرأ القرآن، لكني ابتليت بهذه المصيبة؟ أرشدوني مأجورين .

الجواب: ( د. الهندي )

لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :

فاسأل الله لك الهداية والتوفيق والثبات على الطريق .

أخي العزيز :

اعلم أنك لست أول من يمر بهذه المشكلة، ولن تكون الأخير، كما أن حل هذه المشكلة ليس مستحيلاً ولا عسيراً، ولكنه يحتاج منك -أنت أولاً- إلى العزيمة والإصرار والصبر على مرارة الدواء في البداية لتجني ثمار العلاج –بإذن الله -، ولا أريد أن أطيل عليك الكلام ودعنا نطرح الحلول العملية :

في البداية لم يتبين لي من رسالتك مدى تمكن هذه المشكلة؟ ومنذ متى حصلت معك؟ وكيف كانت بدايتها؟ ومَن الذي (أو الذين) ساهموا في زيادتها لديك ؟ ثم ماذا بعد تأجج الشهوة تجاه المردان لديك، هل تتبعها خطوات عملية؟ أرجو أنك تقف عند تأجج الشهوة فقط دون ما بعدها من خطوات؟، وعلى كل حال ومهما كانت الإجابات فإلى الحلول المقترحة :

* دراسة أسباب المشكلة وتحديدها بالضبط (الأصدقاء، مشاهدة برامج معينة، متابعة مواقع إنترنت، …. )

* التخلص من كل سبب يساعد في تفاقم المشكلة لديك، فإن كان بعض الأصدقاء فلابد من قطع العلاقات معهم، أو تقليل الارتباط بهم إلا في الحالات النادرة مع عدم الحديث في هذا الموضوع، وإن كانت مواقع إلكترونية فكذلك وهكذا بقية الأسباب .

* الابتعاد عن الأماكن التي يمكن أن يتواجد المردان فيها، والبحث عن أماكن بديلة .

* حاول إشغال نفسك بما ترغب وتحب ولا يتعارض مع الشريعة، وإن استطعت أن يكون لك عمل خيري مع لجان دعوية أو جمعيات خيرية فهذا -بلا شك- سيكون رافداً لك في طريق التخلص من تلك المصيبة .

* استمتع بزوجتك بالحلال ولو بإجبار نفسك على ذلك، وتذكَّر ما عند زوجتك من محاسن لا توجد عند المردان، حتى لو كان ذلك بلا تلذذ كبير في البداية، فمعظم الأمور تكون بدايتها صعبة، ثم تصبح لذيذة بعد توفيق الله.

* تذكَّر الصورة القبيحة للمردان، وما يخرج من المكان الذي تفكر فيه، وكيف أنه مستقذر لديك ولدى غيرك .

* حاور نفسك في هذا الموضوع، وكن صارماً معها، ولتطرح معها هذه الأسئلة :

1- ماذا لو رآني ابني وأنا أعمل ذلك العمل؟

2- ماذا لو قُبضت روحي وأنا في هذا الوضع؟

3- هل ترضين لابني أن يكون في مكان ذلك الذي تنظرين إليه؟

4- ما صورتك عند زوجتي وأقاربي وهم يرونكِ في هذا المنظر؟

5- ماذا يقول عدوكِ الأول (الشيطان) وهو يراكِ في هذا الوضع؟

6- أهذا منظر يليق بكِ وأنت تقرئين القرآن وتصلين، أين أثر الصلاة وقراءة القرآن عليك ِ؟

* أكثر من الأعمال الصالحة، ثم اتبعها بدعاء الرحمن ليعينك على هذا الأمر، وتخير من الأوقات والأماكن ما يكون أحرى في إجابة الدعوة، مثل الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود وأدبار الصلوات، ولا مانع أن تذهب إلى مكة لتأخذ عمرة، ويكون هدفك الأساس بعد أداء العمرة هو التقرب بالله بشرف المكان ودعائه سبحانه عموماً، وأن يعينك على التخلص من هذا الداء خصوصاً، ثم تشرب ماء زمزم بنية الشفاء من هذا الداء، ولا تنسَ أن تلح في الدعاء أي تكثر، فإن الله يحب الملحين في الدعاء كما ذكر ذلك الرسول الكريم .

* اختر من الإخوة الصالحين (وهم كثر) ما يعينك –بعد الله– على استغلال وقتك فيما ينفعك ويذكرك بالله وبالدار الآخرة، واصبر على ما قد يحصل منهم ولو كان متعباً في بدايته فخير عدة في هذا الزمان هم الإخوة الصالحون .

* أكثر من تذكر العقاب الأليم والوعيد الشديد لمن يقع في مثل هذه المعاصي في الدنيا والآخرة، وفي المقابل النعيم الكبير والأجر الوفير لمن تاب من ذلك وعمل صالحاً .

* تذكَّر أن هذا جزء من معركتك مع الشيطان، فهو يريدك أن تقع فريسة له في هذه المعصية، ثم ينتقل بك إلى ما هو أشد وأنكى حتى يوصلك –لا قدر الله– إلى الحضيض، أي في مستنقع الرذيلة، فهل تستسلم له وتعطيه نفسك ليقودها حيث شاء، أم أنك ستبث لنفسك أولاً أنك لا تهزم ولن تهزم في هذه المعركة مهما كلّف الأمر، فأنت قوي بالله قوي بإيمانك وستقول لعدوك الشيطان: والله لن أسلمك نفسي، بل هي لربي. وأنا أجزم من خلال رسالتك أنك من الصنف الأخير الذي لن يستسلم لعدوه .

* إذا رأيت ما يذكرك ويدعوك للمعصية فاشغل نفسك مباشرة بأي أمر آخر، ولا تعطِ فرصة لنفسك أو للشيطان ليسترسل معك في التفكير والخيال، واطرد ذلك بأي أمر حتى تذهب تلك الوساوس والأفكار، ومع التدريب على ذلك وبعد فترة من الزمن ستجد أن هذه الأفكار قد ذهبت –بإذن الله –.

* حاول أن تضع لك خطة وبرنامجاً للتخلص من هذا الداء، ولا تستسلم حين تخفق أحيانا، بل لابد من الإخفاق أحياناً، ولكن المهم هو ألا يكون الإخفاق سبباً للاستسلام، وتذكَّر أن الله يفتح أبواب التوبة في أي وقت، وفي أي مكان، وإلى أي عبد أراد أن يتوب.

وفي الختام أحب أن أقول لك أمرا أخيراً، وهو أنك تتعامل مع الكريم الرحيم سبحانه الذي بيده مقاليد الأمور وهو على كل شيء قدير، ولا يعجزه شيء، بل أمره بين الكاف والنون، فكن مع الله، واعلم أنه ليست هناك شهوة ولا قوة ولا غيرها قادرة أن تسقط عبداً أراد الله نجاته.. وأختم معك حديثي بهذه الآية: “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” والرزق هنا ليس هو المال فقط، بل كلمة شاملة لكل معاني الرزق، ومنه رزق الهداية والتوفيق والحماية .

أسأل الله أن ينير قلبك بالإيمان، وأن يجعله عامراً بذكره وشكره، وأن يملأ قلبك حباً لزوجتك وأولادك، ويجعلهم خير عون لك ولهم على طاعة الله، والسير على صراطه المستقيم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المصدر : استشارات